أرشيف

نص ورقة عزالدين سعيد الاصبحي الخاصة بتقييم مسار عمل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن خلال العام الأول

  مضى أكثر من عام الآن على إعلان تأسيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد منذ يوليو 2007م.

وخلال العام مرت أشياء عدة وجرت في النهر مياه كثيرة (كما تقول العرب)، ولكن بقيت تطلعات الجماهير لإنجاز الهيئة وسقف التوقعات العالية من الناس مع الحملة الإعلامية المكثفة والمدروسة من الإعلام في جعل الهيئة في دائرة الضوء ومرمى التناول اليومي الكثيف بقي ذلك ابرز التحديات التي عانت منها الهيئة وتبدد جهد كبير في مرحلة التأسيس كان يمكن له ان يسهم في تعزيز البناء المؤسسي للهيئة والبدء بعملها بشكل موضوعي بدلاً من تبديد الطاقات والقدرات في حالة الدفاع المستمر والتوضيح الدائم لما هو واضح وبالتالي هذا الغرق المستمر في الموقف الدفاعي وعدم القدرة على التركيز في بناء إستراتيجية العمل المستقبلي المعتمد على روح المبادرة وتولي دور القيادة في اتخاذ القرار وتوحيد الجهود الأخرى.

كل ذلك للأسف جعل كل ما تقوم به الهيئة وما يمكن لها انجازه في محل عدم التقدير وكأننا وصلنا إلى مرحلة لا ترضي المتطلعين من العامة ومن الإعلام إلاّ إنجازات اكبر وخطوات أكثر قوة وجراءة ولو على حساب القانون!!

الآن علينا أن نقف وقفه تقييم تتسم بالموضوعية وتعترف بأي أخطاء حدثت أو عجز تم في العمل موضحين الظروف المختلفة التي تحيط بعمل الهيئة من اجل الوصول إلى تقييم يضمن شد الهمة لعمل الهيئة وتجاوزها لعثراتها الحالية ولتطل على المجتمع بروح المسئولية المطلوبة وهنا نقف أمام القضايا التالية:

1.        الرؤية الإستراتيجية.

2.        الوضع الإداري الداخلي.

3.        العلاقة مع الجهات الأخرى ذات العلاقة (النيابة، القضاء، الرقابة، لجنة المناقصات، الأمن، الداخلية، غسيل الأموال).

4.        العلاقة مع الجمهور والإعلام.

أولا : الرؤية الإستراتيجية:

لقد كان انجاز تأسيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بناءاً على القانون رقم 39 لسنة 2006م بعد جهد رائع من عدد من القيادات السياسية والبرلمانية والمؤسسات الداعمة وهي خطوة تترجم أهم التوجهات السياسية الرسمية للجمهورية اليمنية والتي تعني إدراك الجميع لخطورة الحالة التي وصل إليها انتشار الفساد، واهم ما تعنيه هذه الخطوة هو الاعتراف بالمرض الأمر الذي يعني الخطوة الأولى لعلاج هذا المرض وان يعلن ان هناك كارثة وطنية اسمها الفساد فهي خطوه لضرورة مواجهة الكارثة بروح مسئولة وتعاون جاد من جميع الجهات.

وتجدر الإشارة إلى أن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية كان أول من أطلق شعار ضرورة مكافحة الفساد منذ سنوات لتبدأ خطوات متتالية من اجل انجاز ذلك

ولهذا تعد موافقة اليمن على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد والمصادقة عليها بالقانون رقم 47  لسنة 2005م.

تأكيد على أن الخطوة الأولى هامه ولابد من تعضيدها بجدية وفاعلية وجاء القانون اليمني رغم كل الملاحظات التي وردت عليه خطوة متقدمه يحتاج الآن إلى إرادة سياسية قوية وإرادة مجتمعية صادقه لتفعيلة وتطبيقه وتعديله أيضا بما يلائم التشريعات الدولية ولا يتعارض مع القوانين الوطنية الأخرى.

ولكن أهم القضايا التي لم تعط الأهمية القصوى وتحظى بالاهتمام اللازم من الجميع (جهات رسمية وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وشركاء دوليين) هي قضية الرؤية الوطنية الملائمة لليمن في مكافحة الفساد وبالتالي الإستراتيجية الوطنية لتعزيز قيم النزاهة في اليمن والتي تضمن ضبط إيقاع حركتنا جميعاً وتعمل على تكاتف الجهود وتكامل الأدوار بما يعني جعل كل الخطوات الأخرى بما فيها إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد آلية فاعلة ضمن هذه الإستراتيجية الوطنية وليس تحميلها العبء الأكبر والوحيد لكل الانهيارات والأخطاء وتداخل الصلاحيات أن هذا الاتساع في مهام الهيئة وتحملها العبء كلاعب وحيد في الساحة لا يعني في الأخير غير تعجيز كامل لابد أن ينتهي بعدم النجاح مهما كانت النوايا حسنه وطيبه لان قضية مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة مهمة تتجاوز في عملية انجازها قدرات أي جهاز وحيد أو مؤسسة فاعله

ماذا نريد؟!

وعليه فان السؤال الاستراتيجي الذي يضع نفسه قبل كل شيء وحتى قبل أن نذهب في إصدار قانون وطني أو تعديله الآن أو تأسيس الهيئة هو السؤال الهام "ماذا نريد؟!" وذلك يعني باختصار تحديد الرؤيا الإستراتيجية التي ستقودنا إلى وضع الخطة الوطنية وتحديد الأدوار وتكاملها

هل نريد جهازاً وطنياً يلاحق مسئولين فاسدين في أجهزة محددة؟! أم نريد بناء "جهاز مناعة" ضد الفساد نخص به المجتمع ؟!

هل نريد إنزال عقوبات صارمة "تكون عبرة لمن لا يعتبر؟!"

أم مجتمع مدرك لخطورة الفساد ويقف ضده بجدية؟!

إن المسألة شائكة ومتداخلة بحيث تجعلنا جميعاً نقول نريد كل ذلك نقول نريد تحقيق مبدأ الثواب والعقاب مبدأ المحاسبة والمساءلة نريد تعزيز مبدأ سيادة القانون الذي يعني (استقلال القضاء) وهذا يعني جعل الجهاز القضائي شجاعاً ومستقلاً وبكفاءة عالية أيضاً.

نريد أن نقدم إلى المجتمع نموذج المساءلة الجادة في تقديم مسئولين فاسدين ليكونوا عبرة لغيرهم وبالتالي يرتدع كل المرضى ويتوقفون عن ممارسة فسادهم.

نريد أن ينتهي الخلل الإداري الحالي الآن الذي ينتج الفساد عبر المحاباة وعدم احترام القانون وحرمان الناس من تكافؤ الفرص وانعدام الرقابة الإدارية وعدم استناد القرار الإداري في التعيين والترقية إلى معايير النزاهة والجدية واحترام القدرات وصون الحقوق!

نريد أن ينظر المجتمع إلى الفساد بأنه كارثة وطنية وأخلاقية تدمر حاضره وتسرق مستقبله وبالتالي يتعامل مع الفاسدين من باب انه المتضرر الأول الذي عليه أن يرفع صوته في وجوه الفاسدين ويلاحقهم ويزدريهم بجدية لا أن ينظر إليهم باحترام وتوقير ويزيد من غيهم لان كل نظرة احترام لفاسد تعني تقويته وإضفاء الشرعية المجتمعية لمخالفاته العديدة وهنا علينا أن نعزز في المجتمع دور العقاب المجتمعي تجاه الفاسدين وهو الأشد قسوة من العقاب القانوني، لان عقاب المجتمع يكون أكثر قسوة وعدلاً تجاه الفاسدين ولا ينس المجتمع كل الذين أساءوا إليه وجعلهم في دائرة النبذ الاجتماعي وذاكرة الألم الذي لا ينتهي وبالتالي يعمل الفاسدين ألف حساب لكل مجتمع يقظ وجاد.

أننا نريد كل ذلك وهذا يعني باختصار رؤية إستراتيجية تهتم بكل تفاصيل العملية الشاملة لمكافحة الفساد من الاهتمام بالتربية والناشئة وتربيتها على قيم النزاهة والأخلاق إلى إجراءات إدارية وقانونية تعمل على إيجاد الإنصاف والعدل إلى خطوات صارمة في المساءلة وإنزال العقاب؟!

هنا على الهيئة ان تقف ومعها كل الشركاء في المؤسسات الرسمية الرديفه لعملها والشركاء في المجتمع والشركاء الدوليين لنسأل هل نريد أن تكون خطواتنا الأساسية في الهيئة هي مكافحة الفساد بناءاً على خطوة  المساءلة والمتابعة القانونية للفاسدين فقط؟!

أم رؤيا أعمق تشمل تعزيز قيم النزاهة في المجتمع اليمني؟!

أن الطرح الذي يقوم على ضرورة أن تكون عملية مكافحة الفساد قائمة على المتابعة القانونية فقط؟! يكون بسقف اقل مما نريد على المدى البعيد؟!ومهما كانت الجهود مخلصة فان الأمر لن يتجاوز ما تقوم به نيابة الأموال العامة أو دائرة مكافحة الفساد في الأمن القومي! وبالتالي سنغرق في عبء إداري أضافي يكون بتكلفة اكبر وجهد متعاضم ومردود ايجابي محدود كما أننا سنحتاج إلى وقت طويل ومضني نبني فيه فرق العمل الميدانية والتحري والمتابعة وتغطية كل محافظات الجمهورية!!

ولكن إذا نظرنا إلى المسألة بشكل موضوعي آخر وهي نظره تهدف إلى توظيف الإمكانيات القائمة في أجهزة الدولة المختلفة من امن ونيابة وقضاء ورقابة ومحاسبة

ووضع رؤيا وخطة لتوظيف القدرات والإمكانيات بشكل مدروس ؟! فان المردود سيكون أعظم والتكلفة اقل لأننا نستثمر في أجهزة قائمة بالفعل وميزانيات معده سلفاً ولكن المطلوب هو تحديث هذه الأجهزة وتقوية جهدها ورسم خطة تضمن تكامل أدوارها بما يضمن تكثيف الجهود وملاحقة أقوى للفاسدين وتحقيق نتائج أسرع وأجدى في المتابعة والمساءلة.

الجانب الآخر يأتي في الرؤية للمعالجة نفسها أن الهدف الأسمى والأكبر هو تجفيف منابع الفساد وليس فقط ملاحقة الفاسدين لان إزالة فاسد من مرفق عام مع بقاء البيئة المحيطة بالعاملين كما هي من لوائح ونظم قانونية وإجراءات إدارية مخالفة فلن تعمل سوا على إنتاج فاسد جديد!!

أننا عندما نقول أن هناك فساد في وزارة المالية أو وزارة الخدمة المدنية أو التربية والتعليم فان الإجراءات الأساسية التي علينا أن نقوم بها هي إيجاد نظام مالي وإداري يعتمد الشفافية والعلانية ويحقق مبدأ المساءلة ليعرف المجتمع أين يحدث الفساد بالضبط ومن المسئول كشخص أو أشخاص عن انتهاك حقوق الناس أن وضع نظام إداري ومالي واضح الصلاحية ومعلن للناس وإجراءات معلنه ويتم تعريف الناس بها يفضح كل الفاسدين ويوقف سيل الفساد بسرعة لأنه سيخضع لرقابة المجتمع ومتابعته وهي رقابة اشد وأقوى من أي جهاز، أما الفاسدين الكبار فعملية مراقبتهم والتحري عنهم هي مسئولية الآليات الوطنية الأكبر من هيئة وطنية وجهاز رقابة ومحاسبة وامن قومي ونيابة عامة.

وهنا علينا أن نقف بجدية أمام السؤال الذي طرحناه في أول الحديث وهو ماذا نريد؟! لنرسم بعده خطواتنا التي ستحدد الرؤيا الإستراتيجية.

ثانياً: الوضع الإداري الداخلي:

أن انعدام الرؤيا الإستراتيجية لمكافحة الفساد لدى الهيئة الوطنية العليا كانت ابرز واهم العقبات التي أسهمت في عدم تطور الوضع الإداري للهيئة ورغم انه يمكن سرد العديد من التحديات والمشكلات التي جعلت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بعد عام ونيف من تأسيسها لا تخرج من دائرة العثرات الإدارية الأولى والتي تمثلت في:

  • عدم انجاز اللوائح الداخلية المنظمة لعمل الهيئة وخاصة اللائحة التنظيمية واللائحة التنفيذية والنظام المالي وبرغم أن القانون ينص على أن الهيئة عليها أن تنجز لائحتها التنفيذية خلال ستة أشهر من إنشائها إلا أن الخطوة تعثرت ولاتزال الهيئة بدون لوائح منظمه لعملها ولايزال العاملين فيها بدون أي توضيح لوضعهم الوظيفي لعدم وضوح الإجراءات ؟! لقد غرقت الهيئة منذ لحظتها الاولى تحت ضغط المجتمع بضرورة أن تواجه الفساد وتقارعه أينما كان ولم تعط فرصة اخذ النفس لترتيب البيت من الداخل، ولهذا لم تنجز خطوة البناء المؤسسي للهيئة بعد أكثر من عام كامل؟! وهو عجز لابد ان يلقي بظلاله على نشاط الهيئة وعملها ويظهرها أمام المجتمع بصورة سلبية أو عاجزة مهما كانت النوايا حسنه!

ويكفي أن العام الثاني سينقضي دون أن يوجد أمين عام للهيئة يتولى تنظيم شئونها الإدارية والمالية.

ولو كانت الرؤيا الوطنية لمكافحة الفساد واضحة منذ البداية ولدينا إجابات واضحة للسؤال الاستراتيجي ماذا نريد؟!

لقطعنا نصف الطريق في وضع اللوائح وادوار القطاعات داخل الهيئة بدون التداخل الحادث الآن وعدم الوضوح في المهام الموكلة للأعضاء ولهذا تم استحداث تسعة قطاعات مستقلة داخل الهيئة بالإضافة إلى رئيس الهيئة ونائبة من اجل ان يتولى كل عضو رئاسة قطاع بدون تحديد مهام واضحة وخطة متكاملة أو حتى وضوح لما نريد أن ننجزه خلال الفترة الزمنية المتاحة والمتبقية أمام الهيئة؟! وهي فترة قصيرة لا تتعدى الثلاث سنوات ونصف.

إن سؤال الاجتماع الأسبوعي الذي يطرح نفسه دون أن يقوله احد من الأعضاء هو ماذا نريد أن ننجزه في الهيئة خلال العام الثاني أو الثالث للهيئة؟!

ماهي مؤشرات القياس التي نضعها أمام أنفسنا وأمام المجتمع لندرك أننا نجحنا في تحقيق الأهداف المرجؤة اولاً؟!

ثم ماهي الأهداف أصلا المرجؤة؟!

لقد وضعت الهيئة تحت ضغط الإعلام وضغط العمل اليومي وبإيقاع متسارع يريد أن يثبت للذات وللغير نجاحات ملموسة فتم وضع اليد على ملف هنا أو قضية  هناك أو الإطلالة بندوة صغيرة أو مؤتمر مكرر مع ملاحقة يومية لسيل من البلاغات سواء عبر التسليم المباشر أو عبر الصحافة وبدون جهاز إداري متكامل أو كادر متخصص مدرك لما هو مطلوب منه؟!

إن وقف هذا المارثون المستمر والغير واضح الهدف الذي تعاني منه الهيئة صار ضرورة أولوية الآن والبدء بمرحلة مراجعة للذات واخذ نفس يسمح ببناء كادر مدرك لمهامه لان ذلك هو الأهم؟!

وكل ذلك يقوم على قاعدة صلبه من الوعي بالرؤيا التي تقودنا الى تحقيق الهدف المرجؤ وتوضح لنا ماذا نريد بالضبط؟!وكيف؟!

إن هذا الضغط اليومي وعدم حسم قضية اللوائح التنظيمية اغرق الهيئة في إجراءات إدارية ليست مطلوبة ولا تخدم الهدف الأسمى من إنشاء الهيئة من حيث اختيار كادر الموظفين بمعايير المفاضلة والإعلان وتوضيح التوصيف الوظيفي المطلوب قبل أي قبول للعاملين.

وإعلان مبادئ مدونه السلوك الوظيفي للهيئة التي تقوم على ضرورة الشفافية وحق تكافؤ الفرص وتقديم الهيئة كنموذج قدوة في عدم قبول توظيف الأقرباء مع الإنصاف بالأجور واحترام التخصصات والقدرات.

وغيرها من الأمور الأساسية أن انقضاء عام كامل دون لائحة مع تزايد الاحتياج اليومي للموظفين يوقع الهيئة في أخطاء هي بغناء عنها من توظيف يقوم على العلاقة الشخصية المحرجة حتى صار محرجاً مراجعة كشف الأقرباء لبعض أعضاء الهيئة إلى عدم تحديد إستراتيجية أجور إلى عدم حسم منصب الأمين العام وعدم وجود خطة عمل واضحة بين القطاعات إلى نفقات مالية كبيرة إلى غيرها من المسائل الإدارية المختلفة التي ألقت بظلال من الإحباط وعدم القدرة على مواجهة ضغط الواقع اليومي المستمر وتقديم النموذج القدوة المطلوب؟

يكفي أن ندرك أن كل العاملين حتى الآن بدون قرارات تعيين واضحة، وان قضايا الأجور والمكافآت محل جدل مستمر منذ عام وان الجميع لا يدري ماذا عليه أن ينجز بالضبط خلال الثلاث السنوات المتبقية من عمر الهيئة ؟!!

أن ما يجري من إدارة داخلية هي خليط عجيب من إدارة الوزارات والمؤسسات والأحزاب والمنظمات غير الحكومية؟ وذلك تحدي كبير أمام عمل الهيئة!!

ثالثاً : العلاقة مع الجهات الأخرى:

عدم وجود الرؤيا الإستراتيجية تحدي يقود نفسه إلى مجالات عديدة ومنها العلاقة مع الجهات الأخرى ذات العلاقة المشتركة هنا علينا أن نسمي بوضوح هذه الجهات وأبرزها.

  • السلطة القضائية(بما فيها مجلس القضاء الاعلى-النيابة العامة-نيابة الأموال العامة-وزارة العدل)
  • الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
  • اللجنة العليا للمناقصات
  • مجلس النواب
  • مجلس الوزراء
  • لجنة مكافحة غسيل الأموال
  • أجهزة مكافحة الفساد في وزارة الداخلية-الأمن القومي

هنا لابد من التذكير أنني منذ الاجتماعات الأولى للهيئة بقيت اطرح بإلحاح أن لا خطوه أساسية هامه للهيئة إلا بإيجاد روح التكامل مع الأجهزة والمؤسسات الأخرى الرسمية بل وغير الرسمية أيضا على أساس أن متانة وقوة نظام النزاهة المطلوب في المجتمع يعتمد على كل الأعمدة الأساسية التي تحمل السقف الواقي للمجتمع وهذا يعني أجهزة السلطة التنفيذية والرقابة والمحاسبة والقضاء والحكم المحلي والمجتمع المدني والإعلام الحر والقطاع الخاص والشركاء الدوليين ولكن تبقى الخطوة الأساسية الأولى المطلوبة هي في رسم خطة العمل المشترك مع الأجهزة الرسمية المختلفة وخاصة في القضاء وفي الرقابة والمحاسبة واللجنة العليا للمناقصات ولجنة مكافحة غسيل الأموال والسلطة التنفيذية.

هنا سوف أعيد ما سبق أن ذكرته عن ضرورة أن تقود الهيئة مبادرة توحيد الجهود وتنظيمها في إطار رؤية إستراتيجية تضمن وضوح الأدوار ووضوح الأهداف وتمنع تعارض الاختصاصات أو تضارب الأدوار ويمكن لنا أن نبدأ عبر مذكرات التفاهم الثنائية واللقاءات التشاورية الجماعية وارى أن أعيد طرح الفكرة لأنها مخرج هام يمكن لنا من خلاله أن نتجاوز التضارب القانوني الذي قد يحدث مع الأجهزة الأخرى بسب تضارب القوانين الحالية وبرغم عدم الحماس الذي قوبلت به هذه الفكرة منذ عام مضى أرى أنها الخيار الأمثل المتاح الذي يدعم شراكتنا مع المؤسسات الأخرى ويسهم في بناء رؤية وطنية مشتركة ويمكن التوقف مع بعض هذه الجهات وطرح مايمكن أن نلتقي حوله سوية لتحقيق الهدف المشترك مع هذه الجهات الرسمية المختلفة وعلى النحو التالي:

ا-العلاقة مع السلطة القضائية

وأعيد التذكير هنا بمقترح سابق حول أننا عندما نطلب من نيابة الأموال العامة تنسيق الجهود مع الهيئة في قضايا التحقيق لا توفر لنا الجهد والخبرات فقط ولكنها أيضا تجعل الهيئة لا تقع في حالة تصادم وورطه في حالة إذا ما حدث أن قدمت الهيئة قضية وحققت فيها بجدية وأرسلتها إلى النيابة ورأت هذه فيها عدم اكتمال القضية أو لا وجه لإقامة الدعوى؟! وهو حق للنيابة ضمنه القانون؟! هنا تفقد الهيئة ليس فقط هيبتها أمام المجتمع ولكن تظهر بمظهر المخالف للقانون والمعتدي؟!

وبالتالي فان تنسيق الجهود ووضع آلية تضمن ليس فقط انتداب أعضاء نيابة يقومون بأعمال التحقيق مع الهيئة ولكن تنسيق الأمور إلى وضع الدعوى المشتركة الذي يضمن توحيد الجهود وضمانه قانونية لكل إطراف القضية من اجل حماية الحقوق وصون كرامة المتهمين؟!

مثل جعل جهاز نيابة متخصصة بمكافحة الفساد يحدد القانون علاقتها الإدارية والقانونية مع الهيئة الوطنية ويضمن سلامة أدائها واستقلالها وتكامل الأدوار!

فيما يخص العلاقة مع النيابة لابد من أعادة التذكير بالتحدي القانوني والوقوف بجدية أمام التعديلات القانونية التي تمنع تضارب الاختصاصات أو لا توضح بشكل كامل ادوار الهيئة وادوار النيابة وهنا علينا ان تشكل فريق عمل مستمر مع النيابة العامه لوضع رؤيا مشتركة تضمن تكامل الادوار من حيث تعزيز استقلالية القضاء من ناحية وتقوية دور الهيئة كآلية وطنية مهمتها مكافحة الفساد وتعقب مرتكبيه من ناحية ثانية.

2- العلاقة مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة

وهي من ابرز واهم الخطوات التي علينا الوقوف أمامها بجدية لان الشعور لدى الكثيرين ان هناك تضارب واضح وعدم تعاون جاد؟!

والأمر لا يحتاج إلى ردود إعلامية ولكن إلى خطوة عملية واضحة عبر مذكرة تفاهم واضحة توضح فيها أين ينتهي دور الجهاز وأين يبدأ دور للهيئة

أن الخطوة الأساسية هنا ليس التمسك بنصوص اللوائح والقوانين لوحدها فقط رغم أهمية ذلك بل بتوحيد الرؤيا من الجانبين (الهيئة والجهاز) حول هدف مشترك!!

كيف يكون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هو بيت الخبرة المالية والإدارية التي يستند عليها قرار الهيئة.

وكيف تكمل الهيئة خطوة جهاز الرقابة والمحاسبة في متابعة القضايا وتقديمها إلى القضاء وتحقيق مبدأ المساءلة

ذلك هو جوهر التعاون المطلوب،

مع رؤيا لتطوير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والانتقال به إلى مبدأ الرقابة السابقة والمصاحبة للعمليات المالية للدولة وليس رقابة لاحقه تتم بعد وقوع "الفاس في الرأس" مع إجراءات إدارية حديثة تضمن رقابة إدارية حتى على فريق المراقبين وعدم السماح بنشوء علاقة مصالح بين مسئولي الرقابة ومسئولي الإدارة العامة في أجهزة الدولة المختلفة، ذلك يتطلب تعديل قانون الجهاز وقبل ذلك تحديد الرؤيا التي تحدد لنا لماذا نريد هذه المؤسسة وماهو متوخى منها؟! وكيف تكون مكملة لعمل الهيئة وأداة فاعلة في تحقيق الرقابة ومنع حدوث المخالفة وإنزال المساءلة في الوقت المناسب.

3- العلاقة مع الهيئة العليا للمناقصات:

حتى الآن لم يتم تشكيل الهيئة العليا للمناقصات وبقيت خطوه القانون الجديد الخاص بالمناقصات والمزايدات في مرحلتها الأولى عبر إنشاء اللجنة ولابد من إكمال الخطوة في إنشاء الهيئة العليا للمناقصات والتي ستشمل حسب القانون ممثلين عن القطاع الصناعي والقطاع التجاري والمجتمع المدني والقضاء وهذا سيعني تنوع ممتاز وخطوه متقدمه أقدم عليها المشرع اليمني في جعل مسئولية الإشراف على المناقصات والمزايدات مهمة مجتمعية وهذا التنوع يضمن عدم وقوع اللجنة أو الهيئة تحت سيطرة جهة واحدة.

ولكن حتى الآن لم يتم إكمال بقية الخطوة ومن المهم أن تتبنى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد خطوه المطالبة بإكمال تشكيل هيئة المناقصات العليا لأنها السند لها في التعاون والعمل المشترك من اجل ضبط عملية المناقصات وتفعيل مبدأ المساءلة لكل المخالفين في قضايا المناقصات وهي القضايا الأكبر التي تعاني من الفساد والمخالفات الكبيرة .

أن اللقاء التشاوري اليتيم الذي دعت إليه الهيئة مع لجنة المناقصات لم يتم إكماله بتعزيز التعاون والمتابعة للقضايا هذا الأمر يتطلب بناء فريق عمل مشترك دائم اللقاء وقادر على اتخاذ القرار في الجهتين لان أهم أبواب الفساد التي تحتاج إلى وقفه جادة هي باب المناقصات إن الأمر يعني لقاءات دورية محددة الهدف ورؤيا متكاملة سريعة وضرورية؟!

وتبدأ بلقاء خبراء من الجانبين يضعون اطر الشراكة وملامح الرؤيا المشتركة وتضع القواسم القانونية المشتركة محل التنفيذ وليس لقاءات رسميه محملة بالأماني الجميلة والنوايا الطيبة.

العلاقة مع أجهزة مكافحة الفساد:

لاتزال العلاقة مع الأجهزة المعنية المختصة بمكافحة الفساد غامضة وغير مطروقة.

ولا يمكن للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أن تخطو خطوة متقدمة في مجال التحري عن قضايا الفساد وإكمال تصورها في مجال التحقيق والقبض عل الفاسدين الاّ بالتعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية المختصة.

وعلى الهيئة أن تمد جسور التعاون مع وحدة مكافحة الفساد في جهاز الأمن القومي، أو مكافحة الجرائم الاقتصادية في الأمن السياسي ووحدات المكافحة والتحري التابعة لأجهزة وزارة الداخلية.

أن هذه الأجهزة هي الأدوات الأساسية التي تمد الهيئة ليس فقط بالمعلومة الصائبة، ولكن هي التي ستعمل على أن تنجز الهيئة دورها في المتابعة والملاحقة القانونية الجادة حيث لا يمكن للهيئة أن تنشئ أجهزة أمنية موازية لتعمل معها ولكن يمكنها أن تقيم جسور التعاون القائم على رؤية تضمن تكامل الأدوار وتحقيق الهدف المشترك أن هذا الأمر يتطلب أن تمتلك الهيئة رؤيتها وتصورها الواضح في التعاون مع هذه الجهات عبر اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم يحدد إطارها القانون، وترسم ملامحها رؤية مشتركه في تحقيق الهدف الواحد.

العلاقة مع الإعلام والجمهور

ان سقف التوقعات العالي من قبل المجتمع الذي بقي ولايزال يسيطر على رؤية الناس تجاه الهيئة جعلها تحت وطأة عبء كبير يفوق قدراتها ويتجاوز أهدافها التي حددها القانون.

وبالتالي على الهيئة أن تسارع في رسم رؤيتها للتعامل مع الإعلام والتواصل مع المجتمع.

لقد تعامل الإعلام خاصة الحزبي منه بسلبية واضحة مع الهيئة منذ إطلالتها الأولى وتحت واقع الصراع الحزبي كانت الهيئة هي الضحية الأولى لهذا التجاذب السياسي والإعلامي ولم ير الإعلام فيها خطوة متقدمة تجسد الالتزام الدولي في إنشاء آلية وطنية لمكافحة الفساد تم فيها مراعاة التنوع وتحقيق الاستقلالية التامة كما حدده القانون، ولكن بقي الأمر في دائرة الهجوم المبني على رؤيا مسبقة ترى فيها انجاز للحكومة، لابد من تشويهه حتى لايحسب منجزاً رسمياً بل و لابد من تحطيمه وليس انجازاً وطنياً لابد من تعضيد دوره وتعزيز استقلاليته ولهذا فإن جهود الهيئة في الأيام القادمة لابد أن تتضاعف بشكل كبير وتعمل على دراسة ظهورها الإعلامي المدروس الذي يضمن قوتها واحترامها في أذهان المجتمع، ولايعمل على الظهور الباعث للملل، أو الغياب على المؤكد ضعفها وتراجعها.

كما أن التواصل مع الإعلام بوسائله المختلفة وتوجهاته العديدة بحاجة إلى خطة عمل مدروسة ولقاءات مكثفة من اجل تعزيز التعاون والوصول إلى جعل الإعلام رديف حقيقي وفاعل للهيئة، واهم صوره لابد أن تعمل الهيئة على ترسيخها لدى الإعلام هو أن تجعل الإعلام يتعامل معها بأنها مؤسسة وطنية مستقلة لابد من دعم المجتمع كلة لها ولخطواتها ذلك الدعم القائم على نظرة الاحترام والمهابة وأنها مثل القضاء حصن منيع لابد من الحفاظ عليه وتعزيز قدراته واستقلاله لضمان حقوق الناس وصون كرامتهم وتحقيق مبدأ العدل والمساواة، وبالتالي على الإعلام أن يتعامل مع الهيئة من هذا المنطلق الوطني، ومن الاحتياج الملح لدورها واستقلالها وأنها منجز يتجاوز أي مكاسب حزبية بل آلية وطنية هامه تعد مكسباً لابد من الحفاظ عليه وتطويره وتعزيز دوره واستقلاليته.

أخيرا:

إن الوصول إلى تناغم كامل مع كل الأجهزة الرسمية الأخرى من برلمان وحكومة وقضاء في مجال مكافحة الفساد، هي في الأساس مهمة الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أم تحقيق هذا التناغم عبر رؤية إستراتيجية وطنية لليمن في مكافحة الفساد تشمل خطة وطنية متكاملة فهي مهمة مشتركة .

يضطلع بها الجميع، ومن هنا نبدأ…

ونسأل الله التوفيق،،،

عزالدين سعيد الاصبحي

عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفسادرئيس قطاع المجتمع المدني

زر الذهاب إلى الأعلى